الهيكل التنظيميّ
يقوم الهيكل التنظيميّ بتحديد كيفيّة توجيه الأنشطة كتورزيع المهام، والتنسيق، والإشراف من أجل تحقيق الأهداف التنظيمية، ويمكن هيكلة المنظمة في العديد من الطرق المختلفة، وذلك بالاعتماد على أهدافها، وتقوم بنية المنظمة بتحديد الطرق التي تعمل فيها، ويؤثّر ذلك على العمل التنظيمي من خلال توفير الإجراءات الأساسيّة للتشغيل القياسيّ، ويحدّد مهام الأفراد من حيث المشاركة، وصنع القرار، وتوجد العديد من الأنواع لهذه الهياكل التي تُستخدم في الشركات، والبنوك، والمؤسسات الإعلاميّة.
أنواع الهياكل التنظيميّة
ما قبل البيروقراطية
تُعرف بريادة الأعمال، وهي تفتقر إلى توحيد المهام، وتعتبر الأكثر شيوعاً في المنظمات صغيرة الحجم، وتمتلك هيكلاً مركزيّاً، ويكون الرئيس هو ما ينفذ القرارات الرئيسيّة، وتتم فيها معظم الاتصالات من جانب واحد فقط، ويعتبر هذا الهيكل مفيد بشكل خاص في الأعمال التجاريّة، وبالتالي فهو يتيح السيطرة للنموّ والتنمية.
الهياكل البيروقراطية
اقترح ماكس ويبر عام 1948 هذا الهيكل التنظيمي، ويتمّ فيه تحديد الأدوار، والمسؤوليات بشكل محدد، وهو هيكل تنظيمي هرمي، ويمتلك العديد من المستويات الإداريّة، والتي تبدأ من كبار المدراء التنفيذيين والمدراء الإقليميين وصولاً إلى مدراء المتاجر؛ حيث إنّ سلطة اتخاذ القرار يجب أن تمر عبر خطوط متعددة في المنظمة، وتحتوي على إجراءات، وسياسات، وقيود صارمة، ومشددة، ويحتوي كل قسم من أقسام الشركة على مخطط تنظيمي خاص فيه، ويتم نقل المعلومات، والقرارات من أعلى الهرم الإدراي إلى أسفله، ويمتلك العديد من المزايا، وذلك من خلال سيطرة المدير التنفيذيّ على أغلب القرارات؛ وهذا يعطيهم نمطاً من القيادة، والسيطرة، ومن سلبيات هذا الهيكل بأنّه يقتل الإبداع، والابتكار في المؤسسة.
ما بعد البيروقراطي
يعتبر مصطلح آخر من البيروقراطيّة، وذلك لوصف وظيفة بيروقراطية تحمل مجموعة من الأفكار وضعت في عام 1980 ميلاديّة، واحتفظت أيضاً بالتسلسل الهرميّ والسلطة، ثمّ قام تشارلز بوضع مجموعة لتطوير عدّة أساسيّات، والتي تستند في قراراتها على الحوار والتوافق بدلاً من السلطة البحتة والقيادة، وهي تكون مفتوحة الحدود دون وجود تسلسل هرميّ، ويتم اتخاذ القرار فيها بشكل أفقيّ وذلك حسب نموذج التوافق، وهذا النوع يُسخدم في المنظمات غير الربحيّة أو منظمات المجتمع؛ بحيث تستخدم من أجل تشجيع المشاركة، والمساعدة خاصةً للأشخاص الذين يعانون من الاضطهاد.
الهيكل الوظيفيّ
يتكون هذا الهيكل من الأنشطة المختلفة كالتنسيق، والإشراف، وتوزيع المهام، ويُحدّد كيفيّة أداء المنظمة، ويُشير إلى كيفيّة تجميع الناس في المنظمة، ويؤدّي إلى تخصيص الكفاءة التشغيلية؛ حيث يعمل الموظفون المتخصّصون في مجالهم ضمن مجال خبرتهم، إلّا أنّ الاتصال بين أطراف المنظمة جامد جداً، وهذا يجعلها بطيئة وغير مرنة، إلّا أنّه يعتبر الأنسب كمنتج للسلع، والخدمات الموحدة في الحجم الكبير، والتكلفة المنخفضة.
أنواع الهياكل التنظيميّة
تخلتف الهياكل التنظيميّة الموجودة في المُؤسَّسات تبعاً لأهداف المُؤسَّسة، وسُلَّم الرواتب، وتقسيم العمل، ومن أبرز أنواع الهياكل التنظيميّة ما يأتي:
الهيكل التنظيميّ الوظيفيّ
ويُعرَف أيضاً بالهيكل التنظيميّ البيروقراطيّ؛ حيث يكون كلّ مُوظَّف في المُؤسَّسة مُخصَّصاً لوظيفة واحدة، وتكون أدواره، ومسؤوليّاته واضحة؛ فالهيكل التنظيميّ الوظيفيّ يتمّ تحديده وِفقاً للتخصُّص، ويتمّ تقسيم المُؤسَّسة إلى أقسام، مثلاً: قِسم المبيعات، وقِسم المحاسبة، وقِسم خدمة العُملاء، ومن الجدير بالذكر أنَّ للهيكل التنظيميّ الوظيفيّ ميِّزات، وعُيوب عِدَّة، تُقسَم على النحو الآتي:
مُميِّزات الهيكل التنظيميّ الوظيفيّ:
- وجود مبدأ التخصُّصيّة في الوظائف، والأقسام، والدوائر، وتَوفُّر خُبراء، ومُختصِّين في المجالات كلّها.
- تسهيل عمليّة الرقابة، والإشراف على الدوائر، والأقسام داخل المُنظَّمة.
- المُساهمة في حَلّ قضايا المُنظَّمة، وذلك من خلال تمكين الرئيس الإداريّ، وتوفير المُساعَدات الإداريّة، والفنيّة له.
- إمكانيّة تدريب المُوظَّفين على تأدية المهمَّات، والأعمال، بالإضافة إلى تمكين المُشرفين من الرقابة على الأعمال.
عُيوب الهيكل التنظيميّ الوظيفيّ:
- صُعوبة تواصُل الأقسام مع بعضها البعض من خلال الهيكل التنظيميّ الوظيفيّ.
- الغموض في تحديد السُّلطات، والمسؤوليّات، وبالتالي ينتج عنه تَهرُّب الأفراد من المسؤوليّات؛ وذلك بسبب الازدواجيّة بالإشراف بين الفنيّين، والتنفيذيّين.
- الفوضى الإداريّة الناشئة عن عدم المقدرة على تطبيق النظام في المُستويات الدُّنيا من التنظيم.
الهيكل التنظيميّ التنفيذيّ
تكون السُّلطة في الهيكل التنظيميّ التنفيذيّ مَركزيّة؛ أي أنَّ السُّلطة تقتصِر على أعلى هرم المُنظَّمة، ويكون هناك رئيس واحد في أعلى قِمَّة المُنظَّمة، وتقتصِر عليه مهمَّة اتّخاذ القرارت، والأوامر، عِلماً بأنَّ خطوط السُّلطة في الهيكل التنفيذيّ تسير من الأعلى إلى الأسفل بشكلٍ مُستقيم؛ فتتدفَّق الأوامر، والتعليمات من الرؤساء إلى المرؤوسين، ويتميَّز هذا الهيكل بالوضوح، والبساطة، إلّا أنَّه تُوجَد بعض العُيوب فيه، وتتمثَّل في النقاط الآتية:
- الافتقار إلى التعاون، والتنسيق بين الإدارات.
- الاحتياج إلى التخصُّصيّة في العمل، والفَصْل بين الوَظائف الإداريّة، والفنيّة.
- تحمُّل المَسؤولين في المُستويات العُليا مسؤوليّات تفوق طاقاتهم؛ فهم يتولُّون المسائل الإداريّة، والفنيّة معاً.
الهيكل التنظيميّ الاستشاريّ
الهيكل التنظيميّ الاستشاريّ يدمج بين نوعَين من الهياكل؛ فيتضمَّن الهيكل التنفيذيّ، والهيكل الوظيفيّ، وتكون السُّلطة فيه سُلطة مَركزيّة مُوحَّدة، كالهيكل التنفيذيّ، ويُستفاد فيه من مبدأ التخصُّصيّة في العمل، إضافة إلى وجود الخُبراء، والمُختصِّين الذين يُقدِّمون المُساعدة، والمَشورة للرؤساء، والإداريّين في العمل، وفيما يأتي ذكرٌ لمزايا، وعيوب الهكيل التنظيميّ الاستشاريّ:
مزايا الهيكل التنظيميّ الاستشاريّ:
- اشتماله على مبدأ التخصُّصية في العمل.
- مُساعدة الخُبراء، والفنيّين للرؤساء الإداريّين، ممَّا يُؤدّي إلى تمكين الرؤساء.
- توفير معلومات تُساعد على اتّخاذ القرار.
- تنمية، وزيادة خبرات الإداريّين المُخوَّلين بالسُّلطة الإداريّة.
عُيوب الهيكل التنظيميّ الاستشاريّ:
- الصراع بين الإداريّين، والفنيّين في المُنظَّمة؛ وذلك نتيجة لزيادة الاحتكاك فيما بينهم.
- رغبة الفنيّين في مُمارَسة السُّلطة التنفيذيّة؛ ممّا ينتج عنه ازداوجيّة في السُّلطات، وعدم المقدرة على تتبُّعها.
الهيكل التنظيميّ الشبكيّ
يتمثَّل الهيكل التنظيميّ الشبكيّ بإشراف مجموعة صغيرة من المُدراء التنفيذيّين على الأعمال التي يتمّ إنجازها داخل المُنظَّمة، وتنسيق علاقات مُحدَّدة مع مُنظَّمات أُخرى تتولَّى عمليّات أُخرى، كالإنتاج، والنقل، والتسويق، وغيرها، أمّا ميّزات، وعيوب الهيكل التنظيميّ الشبكيّ فهي على النحو الآتي:
ميّزات الهيكل التنظيميّ الشبكيّ:
- إمكانيّة استخدام مَوارِد خارجيّة من خارج المُنظَّمة، قد تكون المُنظَّمة بحاجتها في عمليّاتها، كالموادّ الخام.
- المُساهمة في تحسين الجودة من خلال اللجوء إلى خُبراء مُختصِّين في هذا المجال.
عيوب الهيكل التنظيميّ الشبكيّ:
- الافتقار إلى الرقابة المُباشرة؛ وذلك بسبب عدم مقدرة الإدارة العُليا على السيطرة بشكلٍ مُباشر على العمليّات داخل المُنظَّمة.
- زيادة درجة المخاطرة على أعمال المُنظَّمة؛ بسبب إمكانيّة عدم التزام المُتعاقدين بإنجاز المُتَّفق عليه بين الطرفَين.
أهمّية الهيكل التنظيميّ
للهيكل التنظيميّ أهمّية كبيرة، تتلخَّص فيما يأتي:
- يُساعد الهيكل التنظيميّ المُنظَّمة على النُّموّ، والعمل؛ وذلك بسبب الوضوح، والتركيز.
- يُنظِّم الهيكل التنظيميّ التدفُّق للقيادة، والسُّلطة؛ فكلّ فرد في المُنظَّمة لديه تصوُّر واضح عن واجباته، وعن مُشرفيه، وعن المسؤول المُختصّ بتقديم التقارير.
- يُساعد الهيكل التنظيميّ المُنظَّمة على التحليل، والفَهْم الصحيح لعملها، ومعرفة الوَضْع الراهن لها.
- يُرتِّب الهيكل التنظيميّ العلاقات في المُنظَّمة.
- يُساعد الهيكل التنظيميّ المُنظَّمة على الوصُول إلى أهدافها، فيُنظَر له على أنَّه إحدى أهمّ الأدوات الإداريّة في المُنظَّمة.
- يُساهم الهيكل التنظيميّ في توضيح الأقسام، والمُستويات الإداريّة، والدوائر، والشعب، والمسؤوليّات المُوكَّلة لكلّ منهم.
- يُعَدُّ الهيكل التنظيميّ وسيلة توضيحيّة تُساعد على دراسة تاريخ المُنظَّمة، وتطوُّرها الوظيفيّ خلال فترات زمنيّة مُعيَّنة.
- يُساعد الهيكل التنظيميّ المُنظَّمة في الكَشْف عن الأخطاء الموجودة في التنظيم، ومُعالجتها، وذلك من خلال كَشْف العلاقات غير الصحيحة، والازدواجيّة في المهمَّات.
- يُساهم الهيكل التنظيميّ في تدريب المُوظَّفين الجُدد الذين يلتحقون بالمُؤسَّسة، وذلك من خلال توضيح أقسام المُنظَّمة لهم، وبيان موقعهم في المُنظَّمة، وتوضيح رؤسائهم، ومرؤوسيهم، والأفراد الذين سيتمّ التواصُل معهم.
مبادئ تصميم الهيكل التنظيميّ
عند تصميم، أو تطوير الهيكل التنظيميّ، لا بُدّ من النظر إلى مُرتكزات، وأُسس عِدَّة، تُعتبَر نقاطاً مرجعيّة في عمليّة اتّخاذ القرار فيما يخصّ الأمور التنظيميّة، من هذه المبادئ:
مبدأ التخصُّصية في العمل (باللغة الإنجليزيّة: Departmentalization): حيث يتمّ تجميع الأعمال المُتشابهة، وذات التخصُّص الواحد في المُنظَّمة تحت قِسم واحد؛ وذلك لتحقيق أقصى كفاءة مُمكنة.
مبدأ الأهمّية النسبيّة للأنشطة الرئيسيّة (باللغة الإنجليزيّة: Main Functions Relative Importance): وهو إعطاء الأولويّة، والأهمّية للأنشطة الرئيسيّة التي تُحقِّق أهداف المُنظَّمة.
مبدأ التجانُس، والتكامُل (باللغة الإنجليزيّة: Integration and Harmony): وذلك من خلال تجميع الأعمال التي تتكامل، وتتجانس فيما بينها في قِسم تنظيميّ واحد، ممّا يُحقِّق الفعاليّة في العمل، والتدفُّق السلِس للمعلومات، وبالتالي إنجاز الأهداف، والمهمَّات.