أصبح التدريب عن بعد أحد أهم الخيارات التي تلجأ إليها الشركات في عملية تطوير الموظفين، وكذلك تحول التدريب عن بعد ليكون أحد التفضيلات للعديد من الأفراد، فبدلًا من النزول إلى مقر التدريب مثلًا، يرى الأشخاص أنّ الأفضل في هذه الحالة هو الحصول على التدريب من موقعهم.
يترتب على ذلك وجود فرصة حقيقية للمدربين الذين يعملون في مجال التدريب، لكن من المهم التعامل مع الأمر من منطلق صحيح، وإدراك أنّ التدريب عن بعد يختلف قليلًا عن التدريب في أرض الواقع، وليس ضروريا أن ينجح الشخص بنوع، لمجرد نجاحه في الآخر. إذاً كيف يمكنك تقديم التدريب عن بعد؟ في هذا المقال نقدم لك الخطوات المناسبة لذلك.
الخطوة الأولى: افهم التدريب عن بعد ومبادئه
إذا كنت معتاداً على تقديم التدريب في أرض الواقع، فبالتأكيد تعرف المبادئ الخاصة به. ينطبق هذا أيضاً على التدريب عن بعد، إذ توجد له كذلك مبادئ تساعد على تعزيز فاعليته، وتجعله أكثر قابلية للنجاح. من أهم النقاط التي تتأثر في التدريب عن بعد عن التدريب في أرض الواقع:
1- اختلاف الجمهور: لا يتعلق اختلاف الجمهور بتغير في شخصياتهم، لكن بالتغير في طريقة تفاعلهم مع التدريب عن بعد، وهذا الأمر منطقي، فالتواجد في مكان خارج المنزل، يختلف عن التعامل في التدريب عن بعد من المنزل.
2- اختلاف المهارات: إذا كنت تحب التدريب في أرض الواقع، فأنت لديك شغف بالحركة والانتقال من مكان إلى آخر داخل قاعة التدريب. في التدريب عن بعد، لن يمكنك فعل ذلك، وستجد نفسك مضطراً إلى الجلوس في مكانك، وستبدأ في توظيف المهارات بطريقة مختلفة. في الحالتين أنت تعتمد على لغة الجسد، لكن في التدريب عن بعد تختلف طريقة توظيفها.
3- اختلاف الأدوات: الاختلاف الأخير يتعلق بالأدوات التي توظّف في تنفيذ التدريب، إذ تحتاج في التدريب عن بعد إلى استثمار التكنولوجيا بالطريقة الصحيحة، حتى تقدر على تحقيق أقصى فاعلية في التدريب، فالأدوات المستخدمة ستساعدك على فعل ذلك.
الخطوة الثانية: إدراك قيمة التصميم
يمكن تلخيص النقاط الماضية في قيمة تصميم عملية التدريب عن بعد، إذ ببساطة حتى مع تشابه المحتوى، لا يمكنك تقديم التدريب بالطريقة ذاتها التي تفعلها في أرض الواقع. في هذه الحالة أنت بحاجة إلى تغيير طريقة تصميم التدريب، حتى تتوافق مع التدريب عن بعد. من أهم النقاط في التصميم:
1- وقت التدريب عن بعد: يمكن للأفراد في التدريب العادي الاستجابة للمحتوى لفترة طويلة، بينما في التدريب عن بعد تتغير طريقة استجابتهم، وعلى الأغلب يقل التركيز بعد مرور فترة أقل. بالتالي، من المهم في تصميم التدريب عن بعد الحرص على اختيار الوقت المناسب، مثلًا 45 دقيقة ثم راحة لمدة 5 أو 10 دقائق، وهكذا.
2- المنصة المناسبة للمحتوى: توجد العديد من المنصات المتاحة في التدريب من بعد، لذا من المهم تحديد المنصة المناسبة لك، سواءٌ كنت ستستخدم تطبيق زووم أو ميكروسوفت تيمز أو غيرها من التطبيقات. لا تدع اختيار التطبيق هو الذي يتحكم في المحتوى، بل العكس، المحتوى هو من يخبرك بالمنصة المناسبة.
3- طريقة تقديم المحتوى: تختلف الاستراتيجيات في التدريب العادي عن التدريب عن بعد. بالتالي، لا بد من إعادة تقييم الاستراتيجيات المستخدمة، والحرص على استبدالها بالاستراتيجيات المتاحة في التدريب عن بعد، مع استثمار جميع الخيارات التي تتيحها منصة التدريب.
الخطوة الثالثة: التواصل قبل البدء
بعد الانتهاء من وضع أهداف التدريب عن بعد، واختيار التصميم المناسب له، يمكنك البدء في الإعلان عن التدريب، حتى تحصل على بيانات الأشخاص الذين يرغبون في المشاركة معك. عندما تنتهي من هذا الأمر، يمكنك بدء التواصل مع المتدربين.
من أهم الأشياء التي لا بد من فعلها قبل بدء التدريب عن بعد، هي شرح المنصة التي ستستخدم في التدريب، وكيف يمكن للمتدربين التعامل معها جيدًا. إذا كانت هناك فيديوهات متوفرة تشرح الأمر، يمكنك إرسالها إليهم حتى يعرفوا آلية التعامل معها قبل البدء.
سيساعدك ذلك على تحقيق عنصرين: الأول هو توفير الوقت الذي ينتج عن المشاكل التقنية، نتيجة عدم معرفة الأشخاص بكيفية استخدام المنصة، وبالتالي قد تضيّع الوقت في محاولة لشرح هذا الأمر. الثاني هو التمكن من إجراء التعارف بينك وبين المتدربين مبكرًا، فيؤدي ذلك إلى تعزيز الروابط بينكم، ويجعل التدريب عن بعد أكثر سهولة.
الخطوة الرابعة: ضع مبادئ التدريب عن بعد
مثلما في التدريب التقليدي، لا بد من الاهتمام بعملية وضع مبادئ وقواعد التدريب عن بعد، التي ستسهل عليك تنظيم التدريب، وتحقيق الفاعلية القصوى من خلاله. لا توجد مبادئ محددة لذلك، بل يعتمد الأمر على النمط المفضل لك. في الوقت ذاته توجد بعض النقاط الرئيسة التي ستفيد في تحسين فاعلية التدريب:
1- طريقة تنظيم الحديث: يعتمد التدريب عن بعد على فتح الميكروفون ثم المشاركة بالرأي. قد يترتب على ذلك في الكثير من الأحيان التداخل بين الأفراد في حالة عدم وجود طريقة للتنظيم. لذا، الأفضل هو وضع خيار رفع اليد، ومن ثم تأذن أنت للشخص للحديث. بالتالي تضمن الترتيب وتنظيم الحديث، لا حدوث مشكلة بين الأفراد.
2- طريقة استخدام منصة التدريب عن بعد: تختلف طريقة استخدام كل منصة في التدريب عن بعد، نتيجة للتغير في الأدوات الموجودة عليها. لذا، من المهم شرح الأدوات وكيفية الاستفادة منها. على سبيل المثال، يوجد على تطبيق زووم خيار للوجوه التعبيرية، يمكنك الاستفادة منها في تنظيم التدريب.
مثلًا استخدام علامة الخطأ، لتوضيح أنّ المستمع يجد مشكلة في الإنترنت، وبالتالي تتوقف وتتأكد إذا كانت المشكلة مشتركة بين أكثر من فرد أو لا. يساعدك ذلك على معالجة مشكلة الإنترنت سريعاً، وفي الوقت ذاته دون حدوث انقطاع في التدريب عن بعد.
3- تنظيم الراحات: كما ذكرنا يعتمد التدريب عن بعد على وجود راحة باستمرار. لذا، من المهم الاتفاق مع المتدربين على مواعيد راحات ومدتها. كذلك من الجيد الإشارة إلى تواجد كل ما يحتاج إليه الفرد من البداية، مثلًا مفكرة لتسجيل النقاط في التدريب، المياه للشرب في حالة الحاجة، حتى يقدر المتدرب على التركيز في التدريب عن بعد، بدلًا من الانشغال برغبته في فعل شيء آخر.
الخطوة الخامسة: التركيز على التفاعل في التدريب عن بعد
إذا كان الأمر يتعلق بالتصميم في التدريب عن بعد، فالتصميم الناجح يتعلق بالقدرة على إيجاد وسائل مختلفة للتفاعل مع المتدربين. تقديم التدريب بطريقة المحاضرة ليس أمراً ناجحاً على الإطلاق، فلا بد من الاستفادة بالحلول المختلفة للتفاعل. من أهم هذه الخيارات:
1- استخدام الكاميرا إذا كان متاحاً: من الأشياء المهمة هي استخدامك للكاميرا في التواصل مع المتدربين، وكذلك أن تطلب منهم هم كذلك استخدام الكاميرا الخاصة بهم. يجعلهم هذا مشتركين أكثر في التدريب، ويهتمون بالمحتوى الذي تشرحه لهم نتيجة لزيادة التركيز.
2- استخدام الاسم في التواصل مع المتدربين: من الأشياء الجيدة في التدريب عن بعد، هي سهولة استخدام الأسماء في التواصل مع المتدربين، وذلك نتيجة لما تتيحه المنصات من اختيار كل متدرب للاسم الذي يود الظهور به على الموقع. من ثمّ لن تعاني من أجل تذكر الأسماء. بالتالي لا بد من استثمار ذلك من خلال الحرص على استخدام الأسماء دائماً.
3- الاعتماد على المشاركات: من الجيد تحفيز المتدربين على المشاركة، ويشمل ذلك طريقتين رئيستين، الأولى هي المشاركة من خلال الميكروفون، والثانية هي المشاركة من خلال الدردشة. يمكنك الاعتماد على أيٍ من الخيارين، أو الاثنين معاً وفقاً لطبيعة النقطة التي تشرحها لهم.
4- التطبيق العملي: من الأشياء الجيدة في التدريب عن بعد هي القدرة على التطبيق العملي باستمرار، من خلال إضافة شرائح في العرض التقديمي للتدريب، أو بالاعتماد على شرح المهمة للمتدربين، وترك المساحة لهم لتنفيذها وإرسالها إليك في أثناء التدريب أو بعد الانتهاء منه في موعد تحدده لهم.
5- تقسيم المتدربين إلى مجموعات: يعد تقسيم المتدربين إلى المجموعات وتركهم ليعملوا معاً من أهم مميزات التدريب التقليدي. يمكن فعل ذلك في بعض التطبيقات، التي تتيح خاصية التقسيم (breakout rooms). فإذا كنت تستخدم تطبيقاً يقدم هذه الميزة، فلا بد من الحرص على استغلالها.
الخطوة السادسة: تقييم التدريب عن بعد وإجراء التعديلات المناسبة
بعد الانتهاء من التدريب عن بعد، من المهم الحرص على تقييم التدريب، وذلك حتى تتمكن من إجراء التعديلات المناسبة. يمكنك فعل ذلك من خلال الأسئلة المباشرة للمتدربين، أو بالاعتماد على نماذج التقييم، التي ترسلها لهم، وتطلب منهم كتابة البيانات الخاصة بها.
يمكنك أيضًا الاعتماد على تسجيل الملحوظات الخاصة بك في أثناء التدريب، فأنت لديك الخبرة الكافية لتعرف الأجزاء التي تحتاج إلى تحسين. ومن ثم بعد الانتهاء من التدريب، يمكنك جمع هذه الملاحظات، وإجراء التعديلات المناسبة، مع الالتزام بفعل ذلك في كل مرة حتى تصل إلى أفضل صورة ممكنة من التدريب.
ختامًا، يعد التدريب عن بعد مجالاً مستقلاً الآن، ولم يعد مجرد بديل عن التدريب التقليدي، إذ أصبحت العديد من المؤسسات تستخدمه كجزء من عملها، وكذلك المتدربين يهتمون بالفرص المتاحة لهم لفعل ذلك. لذا، من الجيد معرفة أساسيات التدريب عن بعد، والحرص على تطبيقها، حتى تقدر على إنتاج أفضل جودة ممكنة في التدريب.