التغيير يقاد ولا يدار:
هل تمر شركتك بعملية تغيير؟ وهل ترى أن شركتك بحاجة للتغيير وتخاف من الفشل؟ ربما يكون السبب أنك تحاول إدارة التغيير بدلا من قيادته.
التغيير في الشركات - سواء تضمن (الهندرة) أي إعادة هندسة نظم العمل أو إعادة هيكلة أو برنامجا طموحا ومستمرا للجودة أو تجديدا ثقافيا - هو عملية معقدة ونشطة تتسم بالفوضى، وهي غالبا لا تحقق النجاح المنشود. وعلى الرغم من الجهود الشاقة التي يبذلها كبار المديرون والمدربون النابهون وذوو الخبرة، فإن برامج التغيير تبقى دائما أقرب إلى الفشل منها إلى النجاح. فما هو السبب يا ترى.؟
السبب هو الإفراط في الإدارة وغياب الدور القيادي.
معظم المديرين أصحاب الخبرة لا يلعبون دور القائد، لكنهم يتقنون دور المدير بشكل جيد. فهم يقومون بالتخطيط ووضع الموازنات والتنظيم وإدارة شئون الأفراد والرقابة وحل مشكلات العمل اليومية، وهذه المهام تدخل في صميم العملية الإدارية التي تحقق لهم أهدافهم العاجلة. أما حين يتعلق الأمر ببرامج التغيير فإن مهارات الإدارة التي استعانوا بها بنجاح كبير في السابق لا تشفع لهم، بل إن العكس هو الصحيح.
سوف نتعرف على ثمان طرق تنسف بها الشركات المفرطة في الإدارة جهود التغيير وتشل حركتها. على سبيل المثال:
- تعيش هذه الشركات على طموحات متواضعة وترضى بالقليل من الإنجازات.
- تقلل من شأن الرؤية في إدارة المستقبل.
- تفشل في تحقيق انتصارات في الأجل القصير.
- تفشل في غرس التغيير في ثقافة الشركة.
سنتعرف على أسلوب معالجة هذه الأخطاء بإتباع عملية من ثمان خطوات لقيادة التغيير بدلا من إدارة التغيير. وتتضمن هذه العملية ما يلي:
- تطوير ونشر رؤية للمستقبل.
- الشروع في عمل على مستوى القاعدة يتبناه كل الموظفين.
- تحقيق انتصارات في الأجل القصير والاستعانة بها في تعزيز المكاسب.
- غرس التغيير في ثقافة الشركة.
بالطبع كل شركة تحتاج إلي إدارة؛ فبدونها يفلت زمام الأمور في الشركة. ولكن الإدارة يمكن أن تقضي على التغيير أيضا.
أخطاء وحلول: لماذا تفشل إدارة التغيير.؟
في الكثير من الشركات تفشل جهود التغيير في تحقيق النتائج المستهدفة، والسبب؛ أن الشركات ترتكب أخطاء عندما تطبق التغيير. و من هذه الأخطاء:
١- الرضا المبالغ فيه عن الوضع الحالي وحدوث نوع من التراخي: فالتغيير يتطلب إحساسا بالعجلة. والشركة الراضية عن نفسها لا تحشد الجهود و لا تقطع العهود اللازمة لإحداث التغيير.
٢- غياب التحالف القوي بين الإدارة والأفراد: يحتاج التغيير إلى تحالف بين الناس الذين يملكون القوة - من خلال مواقعهم وخبرتهم وعلاقاتهم - لتحويل عملية التغيير من أقوال إلى أفعال.
٣- افتقاد الرؤية: بدون رؤية تتحلل جهود التغيير إلي قائمة من المشروعات المربكة وغير المتوافقة والمستهلكة للوقت والتي تسير في اتجاهات متضادة أو التي تسير بغير هدى.
٤- عدم توصيل الرؤية: التغيير الكبير يتطلب أناسا راغبين في التضحية وقادرين عليها. ولكن الأفراد لا يضحون ما لم يفهموا سبب تضحياتهم.
٥- العقبات الإدارية: التغيير الكبير يتطلب عملا من عدد كبير من الأفراد. وتفشل العديد من المبادرات بسبب العقبات التي توضع في طريق هؤلاء الناس. وتوجد عقبتان أساسيتان: بيروقراطية الشركة ونظامها القائم و وجود مراكز قوى ذات نفوذ تعارض التغيير.
٦- عدم تحقيق نجاحات سريعة: تفقد الجهود المعقدة لتغيير استراتيجيات أو إعادة هيكلة الأعمال؛ قوة الدفع إذا لم تكن هناك أهداف في الأجل القصير كي يتم تحقيقها والاحتفال بذلك والاستناد إليها كأدلة عملية على أفضلية التغيير. وبدون انتصارات في الأجل القصير فان الناس يفقدون الإيمان وينضمون إلى صفوف المقاومة السلبية للتغيير.
٧- سرعة إعلان النصر الكبير: بعد العمل الجاد لتنفيذ برنامج من برامج التغيير فإن العاملين يمكن إغراؤهم لإعلان النصر مع أول تحسن كبير في الأداء. ثم يتراخى تركيزهم والتزامهم وتعود الشركة إلي ممارسات الماضي.
٨- عدم وصول التغيير إلى جذور ثقافة الشركة: يتوقف التغيير عندما نسمع عبارة "هذه هي الطريقة التي نؤدي بها العمل هنا". فإذا لم يتأصل التغيير ويترسخ في ثقافة الشركة فسوف يموت في المهد.
الإدارة والتغيير
العقلية الإدارية وراء ارتكاب العديد من الأخطاء السابقة؛ فعلى سبيل المثال، جوهر عمل الإدارة هو التأكد من أن الشركة مستمرة في النشاط بسهولة ويسر، وأن الأمور تسير كالمعتاد. وعلى هذا تعمد الإدارة إلى ثبات الممارسات وتتفادى الإلحاح والسرعة. كما أن رجال الإدارة لا يفكرون بطريقة التحالفات أو فرق العمل ولكن بطريقة التدرج الهرمي الوظيفي. وهم يتعاملون مع خطط مفصلة وموازنات وليس رؤية للمستقبل. واعتادوا على وضع أوامر معينة لتقارير مباشرة وليس استثمار الوقت في توصيل هذه الرؤية إلى عدد واسع النطاق من الناس. ولأنهم غير معتادين على تفويض الصلاحيات لموظفيهم وتمكينهم؛ فإن المديرين يتركون هياكل الشركة والمشرفين يعوقون جهود التغيير التي يقوم بها الموظفون. كما يفكرون كثيرا في القضايا الملموسة مثل عمليات الشركة وإنتاجها ومبيعاتها، و يهملون القضايا الثقافية غير الملموسة مثل القيم ورضا العملاء.
ثمان خطوات لمعالجة أخطاء التغيير
تعالج كل واحدة من خطوات التغيير التالية، واحدا من الأخطاء التي سبقت الإشارة إليها:
الخطوة الأولى: أوجد إحساسا بالإلحاح كيف تكافح الكسل و الرضا عن الذات
في شركة يعمل بها مائة موظف فإن عشرين موظفا على الأقل يجب أن يتجاوزوا واجبات العمل التقليدية من اجل إحداث تغيير فعال. هذا يعني أنه يجب إقناع ربع الموظفين في الشركة بان التغيير ضروري، ليس غدا أو بعد غد، بل الكن. ومع ذلك، ففي عديد من الشركات لا يقتنع الأفراد بضرورة التغيير إلا عند نقطة معينة. إذا لم تستطع تحويل هذا الرضا والتراخي إلي إحساس بالعجلة فلن تحصل على التعاون الذي تحتاجه لإحداث التغيير.
"الرضا عن النفس: المصادر والاستجابات"
هناك تسعة عوامل لشيوع الرضا عن الوضع الراهن في المنظمات، وعليك أن تعرف كيف تخلص مؤسستك من هذا الإحساس الذي يؤدي إلى تواضع الطموحات.
١- لا توجد أزمة. في الشركات التي لا تخسر أموالا أو لا تلوح في الأفق فيها بوادر عمليات استغناء عن الموظفين لا يرى الموظفون أية تهديدات مرئية ومن ثم لا يشعرون بالإلحاح. فإذا لم تجد أزمة، عليك أن تصنعها، ولا مانع من أن تسمح بخسارة مالية مؤقتة ومفتعلة من أجل شد الأحزمة و استشارة الطموح.
٢- الموارد المادية والأرصدة المالية التي تقتل النجاح. إذا كانت الشركة ما تزال تشغل كالات مصانعها و تطرح أية منتجات في الأسواق، وتقيم الأفراح والليالي الملاح احتفاء بذلك، فلماذا يتعب الموظفون وكيف يشعرون بأن مستقبل شركتهم ومستقبلهم يكتنفه الشك؟. وعليك أن تتخلص من هذا الإسراف في الأحلام و البذخ في الحفلات.
٣- تدني معايير تقييم الأداء. يقول المديرون: "إن الأرباح هذا العام أعلى بنسبة ١٠ % عن العام الماضي؛ وكل شئ على ما يرام." وينسون الأرباح التي حققت أدني مستوى لها في العام الماضي وأن نسبة العشرة في المائة الزيادة التي حققتها الأرباح عن العام الماضي ليست تقدما حقيقيا، بل تقدم نسبي، وربما لا تضاهي ارتفاع تكاليف الإنتاج أو المبيعات. لا توافق على معايير الأداء المتدني. حدد مستويات طموحة للربح والدخل والإنتاجية تكون ذات مستويات تحفز على التغيير. وعندما تنظر إلى أرباحك ..
٤- الهياكل التنظيمية التي تركز على أهداف وظيفية محدودة. مدير الموارد البشرية، على سبيل المثال، يقيس النجاح عن طريق أداء إدارته البشرية فقط بغض النظر عما تفعله الشركة ككل. حمل المديرين مسئولية نتائج المنظمة ككل وليس أقسامهم فقط.
٥- تزويد الشركة بأنظمة قياس داخلية جامدة تسهل على الموظفين تحقيق أهدافهم من خلال أعمال روتينية. فليس من الصعب بالنسبة للتسويق، على سبيل المثال، أن يفي بنسبة ٩٤ % من أهدافه عندما تتضمن الأهداف أمورا مثل :"نفذ حملة إعلانية جديدة في موعد غايته الخامس عشر من مايو." فكل إدارات التسويق تحقق هذه النسبة إذا بالغت في الإعلان. فالأهداف يجب أن تقيس النتائج بمعايير المقارنة مع الاخرين والعائد على الاستثمار و الفرص المتاحة و معدلات نمو السوق، و تكاليف الوقت المستنفد في تحقيقها، و لا أن يتم تجريدها من العوامل الخارجية.
٦- لا يوجد رجع صدى للأداء الخارجي. يحتاج المدير إلي أن يسمع من العملاء غير الراضين وحملة الأسهم الغاضبين والموردين المحبطين.
٧- عدم الالتفات للناصحين الأمينين. فالموظفون الذين يهتمون بصدى أداء الشركة لدى عملائها وحاملي أسهمها ومورديها يعاملون وكأنهم خارجون على القانون، أو كأنهم مرض عضال يجب استئصاله. شجع المناقشات الأمينة لكل المشكلات القائمة والمتوقعة.
٨- عدم الإصغاء للأخبار السيئة. المدير يذعن لعادة البشر في عدم سماع ما لا نريد أن نسمعه. واصل تزويد العاملين بالمعلومات عن الفرص المهدرة حتى لا يعودوا يستطيعون الجلوس أو السكوت أو صم الأذان.
٩- حديث الإدارة عن الإنجازات الخارقة والأخبار السعيدة. فالمديرون يفضلون الحديث عما حققوه من نجاح، حتى وإن كان نجاحا محدودا و لو لمرة واحدة. توقف عن نشر الأخبار السعيدة ما لم تكن ناتجة عن عملية التغيير المستمر. ويجب أن تتوقف الان
الخطوة الثانية: التحالف القائد: بناء تحالف لقيادة مساعي التغيير.
التحولات الكبرى تنسب غالبا إلي كبار المسئولين. ومع ذلك، لا يستطيع أحد بمفرده وضع رؤية صحيحة، وتوصيلها إلي عدد كبير من الناس، والقضاء على كل العقبات، وتحقيق انتصارات في الأجل القصير، وترسيخ التغيير في ثقافة الشركة. الخطوات الثمان في عملية التغيير تستلزم فريقا من القادة وليس فردا واحدا. ولكن ليس أي فريق. أوجد الناس الملائمين الاتكال على فريق ضعيف للتغيير أسوأ من عدم وجود فريق على الإطلاق. الفريق الذي تحتاجه يجب أن يشكل تحالفا من قادة الشركة لهم تسلسل وظيفي عالي، علاوة على مصداقية ومهارات في فنون القيادة. على سبيل المثال، ضع المديرين الأساسيين في هذا الفريق لأنهم في وضع يتيح لهم التأثير المباشر على دوائرهم. كما يجب أن تضمن الفريق كبار التنفيذيين لأنهم قضوا مدة أطول في الشركة ولأن لهم رؤية أوسع عن الشركة والصناعة.
"الثقة والأهداف المشتركة"
الثقة والعمل بروح الجماعة أمران حيويان لنجاح التحالف. فهو لا يستطيع قيادة كل فعاليات الشركة إذا كان هناك صراع في جنباتها، أو سوء اتصال بين إداراتها، أو افتقار إلي الاحترام بين أعضائها. لا بد أن يكون التحالف متحدا وراء هدف عام. ولا يمكن أن يحدث هذا بدون ثقة. ولكي توجد الثقة، يفضل في المراحل المبكرة للتغيير أن يجتمع أفراد فريق التحالف خارج مكان العمل لتنمية الثقة بينهم.
الخطوة الثالثة: وضع رؤية واستراتيجية الرؤية أمر مهم لأي عملية تغيير لأسباب ثلاثة:
أولا: توضح الاتجاه. فإذا لم تكن تعرف في أي اتجاه تسير، فسوف تجد نفسك في مكان كخر. وغالبا لا يتفق الناس على اتجاه التغيير، ويعتريهم لبس بشأن ما يحدث، أو يتساءلون عما إذا كانت التغييرات المهمة ضرورية أم لا. والرؤية تقول للناس: "هذا هو الطريق الذي يقودنا إليه التغيير."
ثانيا: الرؤية تحفز الناس على اتخاذ إجراءات ليست بالضرورة في مصلحتهم في الأجل القصير. والتغيير عادة ما يخرج الناس من مناطق الراحة والدعة ومن أيام العسل؛ لأنه يتطلب العمل بصورة مختلفة أو مع وجود موارد قليلة. وتبين الرؤية الجيدة للناس المستقبل الأفضل الذي عليهم أن يضحوا من أجله اليوم.
ثالثا: الرؤية تساعد على التنسيق. كل واحد يعرف إلي أين تتجه الشركة ويقوم بعمله دون أن يرجع في كل صغيرة وكبيرة إل المدير. وبدون رؤية مشتركة يختلف الناس باستمرار حول ما يجب أن يفعلوه.
الرؤى الفعالة
تتسم الرؤى الفعالة بست سمات أساسية على الأقل:
١- تنقل صورة متخيلة عن المستقبل البعيد.
٢- تخاطب مصالح الناس في الأجل الطويل سواء كانوا موظفين أو عملاء. الرؤى الغائمة التي تتجاهل المصالح المشروعة لبعض الجماعات، سيهاجمها العملاء الذين سيتوقفون عن الشراء مثلا، أو الموظفون الذين سيقتلون عملية التغيير من خلال المقاومة السلبية.
٣- تتكون من أهداف واقعية يمكن تحقيقها. لا بد أن تكون الرؤى طموحة بما يكفى لإرغام الناس على الخروج من الروتين المريح. التحسن في شئ ما بنسبة خمسة في المائة ليس رؤية. ولكن الرؤية هي أن تكون الأفضل. ووضع أهداف صعبة ليس مثل وضع أهداف مستحيلة. الأهداف المستحيلة تفتقر إلي المصداقية ولا تحفز على العمل.
٤- واضحة بما يكفى لإرشاد عملية اتخاذ القرار. الرؤى الفعالة مركزة بما يكفى لمساعدة الموظفين على اتخاذ قرار بشأن أي الأفعال أهم. الرؤى الغامضة مثل :" أن نكون شركة عظيمة" لا تقدم أية معلومة عما ينبغي عمله.
٥- مرنة بما يسمح بالمبادرة الفردية مثل التكيف مع الظروف المتغيرة. لا يجب أن تكون الرؤى غامضة كما لا يجب أن تكون محددة جدا لدرجة تقتل المبادرة.
٦- من السهل شرحها. إذا كنت لا تستطيع أن تشرح رؤيتك إلي شخص في أقل من خمس دقائق دون أن تأسر اهتمامه فان الرؤية غير مركزة؛ ومن ثم اعمل على توضيحها من جديد.
"صياغة الرؤية"
توضيح الرؤية عمل شاق من الصعب إنجازه بسهولة. فهي تمرين للقلب والعقل معا، تمرين يستغرق وقتا وجهدا و مشاركة. لبدء عملية وضع الرؤية يكتب أحد الأفراد مسودتها الأولى مستعينا بخبراته وقيمه في إيجاد مجموعة مثيرة من الأفكار. وينبغي أن تبحث هذه الأفكار فيما بعد باستفاضة عن طريق التحالف القائد الذي يعدل ويوضح الأفكار الأصلية. وحمل المجموعة المشتركة في صياغة الرؤية على الاتفاق على مسودة نهائية أمر ليس سهلا. وخلق رؤية للمستقبل أمر تسوده الفوضى والاضطراب ويأتي مشحونا بالعواطف. ووجود فريق عمل فعال أمر مهم. ولا بد للمجموعة أن تأخذ وقتها في أن تجعل روح الجماعه تسود. وقد تستغرق مراجعة كل الرؤى شهورا وحتى سنوات. ووجود إحساس بالعجلة أمر مهم للغاية في هذه المرحلة؛ فبدونه لا يكرس أعضاء التحالف الوقت أو الجهد اللازمين لإيجاد متطلبات الرؤية. فمن الممكن أن يتسرع أعضاء التحالف ويحاولون تعميم الرؤية قبل نضجها، فيكتبون الرؤية على لوحات إعلانية ويعلقونها في جميع أنحاء الشركة قبل أخذ الوقت الكافي للتفكير فيها ومناقشتها. كما أن الرؤية الضعيفة يمكن أن تقود إلي الاتجاه الخاطئ وربما لا تحظى بالتزام القادة. والنتيجة أنه بدلا من حفز الموظفين فإن الرؤية تجعلهم يشكون في التغيير.
الخطوة الرابعة: توصيل رؤية التغيير
المبادئ السبعة للاتصال الجيد
الاتصال الفعال هو مفتاح لحشد كل طاقات العاملين وراء رؤية مشتركة. أما الاتصال الضعيف فهو خير وسيلة لنزع فتيل الحماس من قلوب الموظفين، ومن ثم وقف أي عملية تغيير. ومن الأسباب التي تؤدي إلى فشل الشركات في توصيل رؤيتها عدم أخذ الوقت الكافي لشرح هذه الرؤية أو عدم شرح الرؤية بلغة واضحة ومفهومة. والمبادئ السبعة التالية تساعد على تفادي هذه الأخطاء:
١- كن بسيطا. العبارات غير المركزة المحشوة بالإطناب تشوش أكثر مما توضح.
٢- استعن بالبلاغة والحوار الذاتي. المجاز والحوار الذاتي والأمثلة أو اللغة المعبرة تساعد على توصيل الأفكار المعقدة ببساطة وفعالية.
٣- استعن بأشكال مختلفة لتوزيع البيانات. وزع البيانات في الاجتماعات الكبيرة والمحادثات غير الرسمية والمذكرات والمقالات في النشرات الصحفية. عندما تأتى نفس الرسالة للناس من ستة اتجاهات مختلفة فسوف يسمعونها.
٤- كرر وكرر ثم كرر. كلما كررت رسالتك كلما حشدت فريق إدارتك. على سبيل المثال؛ يتعهد أكبر ٢٥ مسئولا في شركتك بتهيئة أربع فرص يوميا لربط محادثاتهم بالرؤية. فإذا انتهز ٢٥ مسئولا أربع فرص يوميا على مدار ستة أشهر؛ فهذا يعنى تكرار الرؤية ١٢ ألف مرة.
٥- كن قدوة. يجب أن تتطابق أفعالك مع أقوالك، فإذا فعلت عكس ما تقول فلن يستمع إليك أحد.
٦- الصراحة راحة. إذا كان هناك سبب مشروع لسلوك مكلف وضح ذلك. على سبيل المثال، في أوقات شد الأحزمة وخفض التكاليف وضح أن ركوبك للطائرة ليس مجرد رفاهية، ولكنه يوفر وقتك الثمين. بعض الناس قد يعتقدون أنه لا يتعين علي الإدارة العليا أن تشرح نفسها لموظفيها. لكن إن سرت أنت على نفس النهج فلا تفاجأ إذا فقد الموظفون إيمانهم واهتمامهم بالتغيير.
٧- استمع واجعل نفسك موضع استماع. القاعدة الحاسمة: الاتصال ينبغي أن يسير في اتجاهين. اشرح الرؤية ثم استمع إلى رد الفعل. طور المديرون في إحدى الشركات، على سبيل المثال، مفهوما جديدا لشراء أجهزة الكمبيوتر وبرامج الكمبيوتر. وظهرت على الفور مشكلات لعدد من مندوبي المبيعات الشبان في الشركة تتعلق بأجهزة الكمبيوتر وملحقاتها، لأنه لم تتم استشارتهم. وخسرت الشركة بسبب ذلك ملايين الدولارات. توصيل الرؤية بفعالية يمهد للمراحل التالية، وهى حمل الناس على العمل.
الخطوة الخامسة: التمكين EMPOWERMENT
تمكين الموظفين من عملهم ومستقبلهم حتى حين تكون درجة الإلحاح مرتفعة، والتحالف القائد يقوم بعمله، وتتم صياغة رؤية وتوصيلها، فإن عقبات عديدة يمكن أن تعوق التغيير. فى هذه المرحلة عليك أن تمكن قاعدة عريضة من الناس للقيام بإجراء ما عن طريق إزالة كل ما يمكن إزالته من هذه العقبات. وأكبر أربع عقبات تقف في طريق التغيير هي :
"الهيكل التنظيمي"
يمكن لهيكل الشركة أن يصد أية مبادرة حتى من أكثر الناس نشاطا. فالتغيير يتطلب تعاونا بين الوظائف المختلفة، لكن الجدران التي تفصل بين تلك الوظائف ذات العقليات المستقلة تبطئ عملية الاتصال وتشل التعاون. عالج هذه المشاكل بتوطيد أواصر التعاون بين الأقسام المختلفة، وإلا فإن الموظفين سيتخلون في النهاية عن برنامج التغيير.
"المهارات"
الافتقار إلى التدريب يمكن أن يكون عقبة في طريق التغيير.
إذ ليس من السهل الإقلاع عن عادات ومواقف درجت عليها لسنوات. غالبا ما يتعلم الناس المهارات الفنية ولكنهم لا يتعلمون المهارات الاجتماعية والمواقف السلوكية اللازمة لإحداث التغيير. فلا يكفي أن تقول :"حسنا أنت مفوض ومسئول وعليك القيام بالتغيير؛ فاذهب و غير." يجب أن تمنح الموظفين ما يحتاجونه من تدريب للاستعانة بسلطتهم. والتمكين بمفهومه العلمي يتضمن أربعة عناصر أساسية لا يكتمل بدونها، وهي: تفويض الصلاحيات والمسئوليات معا، و التدريب الفني والسلوكي لكل العاملين، و الثقة فيهم، وتوفير الموارد وبيئة العمل الحافزة للإبداع. وقد سمي التمكين تمكينا لأنه يمكن العاملين من عملهم ومن مستقبلهم. فهم مسئولون لأنهم ممكنون، وممكنون لأنهم مسئولون.
"النظم"
نظم العمل وإدارة الموارد البشرية مثل: تقييم الأداء و الرواتب و المكافكت والترقية وأساليب التوظيف يجب أن تكون مقترنة بالتغيير. إذا كان محور الرؤية الجديدة هو وضع العملاء في قلب كل قرار؛ فإن عمليات تقييم الأداء والرواتب و المكافكت يجب أن تقترن بقدرة العاملين على إرضاء العملاء. من المعروف أن العاملين يربطون جهودهم بأساليب تقييمهم ومكافأتهم. فإذا لم تتم مكافأتهم عن الالتزام بالرؤية ومحاولة تطبيقها فإن هذه الرؤية لن تحظى بالاهتمام الكافي.
"المشرفون"
قد يكون المديرون والمشرفون متلكئين وبحكم مواقعهم يمكن أن يشيعوا الخمول فيمن حولهم. الحل الأمثل هنا هو الحوار المباشر والأمين. واجه المديرين الذين لا يأبهون بالتغيير، واشرح لهم الرؤية ومساهماتهم فيها. فإذا لم يبادروا إلى المشاركة الإيجابية، فيجب أن يرحلوا.
الخطوة السادسة: انتصارات الأجل القصير التغييرات الكبيرة تستغرق وقتا.
والمؤمنون بالتغيير يستمرون على ولائهم له مهما استغرق من وقت. لكن معظم الموظفين يريدون دليلا على أن مساعيهم أسفرت أو ستسفر عن تحقيق نتائج إيجابية. الانتصارات السريعة تقدم هذا الدليل؛ إذ تكافئ الموظفين المجدين بشكل يرفع من روحهم المعنوية. كما أن هذه الانتصارات تزعزع من مكانة المشككين والمعارضين للتغيير، وتبرهن للمديرين الحذرين بالدليل القاطع أن التغيير يسير على الطريق الصحيح. وبالإضافة إلى قوة الدفع انتصارات الأجل القصير تقدم لقادة التغيير بيانات ومعلومات ملموسة لاختبار رؤيتهم وتنقيحها.
"تحقيق الانتصارات"
العديد من القادة يعتقدون أن الانتصارات السريعة يمكن أن تحدث من تلقاء نفسها؛ إذ يظنون أنه بمواصلة العمل بتصميم وعزيمة فان الأمور ستبدأ في التحسن تدريجيا. أو يتوهمون أنه نظرا لأن التغيير نشاط طويل الأجل فإن الانتصارات في الأجل القصير ليست ممكنة. وكلا الرأيين خطأ؛ فالانتصارات في الأجل القصير ليست ممكنة وحسب ولكنها مطلوبة، ومع ذلك فإنها لا تحدث من تلقاء نفسها؛ فلا بد أن نسعى إلى تحقيقها. وهنا لا بد من وضع أهداف محددة ومحاولة تحقيقها خلال فترة تتراوح من عام إلى ثمانية عشر شهرا.
الخطوة السابعة: توسيع نطاق التحول وتوظيف قوة الدفع نحو مزيدمن التغيير
الانتصارات في الأجل القصير ضرورية للمحافظة على استمرار قوة الدفع. ومع ذلك، فإن الاحتفال بهذه الانتصارات قد يكون له أثر عكسي فيؤدي تثبيط الهمم ويوحي للعاملين بأن التغيير المطلوب أنجز. وفيما يحتفل المسئولون قد بالإنجازات قد يرسلون للعاملين رسالة خاطئة معناها: "نشكركم على روعة أدائكم، يمكنكم أن تستريحوا الان." حينئذ يفقد الناس إحساسهم بالعجلة و يقللون من جهودهم. وغالبا ما تستفيد قوى المقاومة من هذه اللحظة الضعيفة في إعادة ترتيب أوضاعها. لتفادي مثل هذا الخطأ، عليك أن تتحلى بالمصداقية التي اكتسبتها من خلال الانتصارات التي تحققت في الأجل القصير في دفع ومعالجة كل المشروعات مهما كبرت. النتائج التي تتحقق في الأجل القصير يمكن أن تسمح لك، على سبيل المثال، ببدء عملية إعادة البناء التي تفاديتها من قبل بسبب المقاومة. ويمكنك أن تبدأ في برنامجين جديدين لإعادة هندسة نظم العمل من جديد.
"المصالح المترابطة"
توسيع نطاق جهود التغيير من خلال مزيد من المشروعات أمر معقد نتيجة الاتكالية المتبادلة داخل شبكة الاتصالات بين مختلف أقسام الشركة. فما يحدث في إدارة المبيعات، على سبيل المثال، يؤثر علي التصنيع لا سيما الإنتاج الكني(وصول قطع الغيار إلى خط الإنتاج في نفس لحظة كما أن القرارات ،(JUST – IN – TIME تركيبها الفنية في الإدارة الهندسية تؤثر على التسويق.
نتيجة لذلك، إذا غيرت شيئا في أحد الأقسام فانك تتسبب في تغييرات في مجالات أخرى من العمل. ولهذا يجب أن تقنع كل الأقسام المتأثرة بالدخول في هذا التغيير وإلا فإن جهودك ستفشل. وهذا هو السبب في أن تبدأ تغييرات صغيرة. تأتى الانتصارات في الأجل القصير من جهود تغيير على نطاق صغير تسبب تموجات صغيرة ولكن متواصلة في أنحاء الشركة. وعندما يتعزز موقفك بالفوز يمكنك حينئذ أن تبدأ في مهاجمة المشروعات الأكبر حجما، وهى المشروعات المترابطة والتي يؤثر بعضها على بعض.
"تقليص العلاقات"
حيث إن العلاقات الداخلية تعقد التغيير؛ فقد بدأ الناس في التشكيك في الاعتماد المتبادل. على سبيل المثال، هل تحتاج الميزانية إلى تقارير أسبوعية من كل مصنع؟ ولماذا يتعين على كل الوحدات أن ترجع إلي إدارة الموارد البشرية بالشركة قبل أن تقدم راتبا لأية وظيفة يفوق ٥٠ ألف دولار؟ التعامل مع هذه الأسئلة يطيل عملية التغيير. ولكن في الأجل الطويل، سيطهر الشركة من الاتصالات والعلاقات غير الضرورية التي تجعل التحول أكثر سهولة.
الخطوة الثامنة: ترسيخ ثقافة التغيير غرس ممارسات جديدة في ثقافة الشركة ثقافة الشركة مثل الرؤية تقع في نطاق القيادة لا الإدارة.
يفضل المديرون التركيز علي الأعمال الملموسة مثل الهياكل الإدارية والنظم. وثقافة الشركة أمر غير ملموس ولكنه مهم. وللثقافة تأثير كبير علي الطريقة التي يتصرف بها الناس. ولهذا؛ فلن تنجح أية عملية تحول دون معالجة هذه القضية.
ما هي الثقافة؟
تتألف ثقافة أي شركة من أعراف سلوكية، وهى الطريقة التي يتصرف بها الناس والمنتظر أن يتصرفوا بها. وفي الجماعة، يكافأ الناس الذين يلتزمون بالتقاليد التي تنتهجها هذه الجماعة، ويعاقب الذين يخالفون هذه التقاليد بطريقة أو بأخرى. وعلى هذا فإن التقليد والأعراف السلوكية أمر لا مفر منه في أية شركة. وثقافة الشركة تعكس أيضا القيم المشتركة السائدة فيها. وتستمر القيم المشتركة وتترسخ، لأن الجماعة كما في تقاليد المجتمع الكبير، تنبذ الممارسات الخارجة على سلوكها. وعلى هذا فإن ثقافة الشركة المتغلغلة والمتجذرة التي يصعب تغييرها تهدد أي جهد يهدف إلي التغيير ويدعو إلي قيم وقواعد سلوكية مختلفة.
"تغيير الثقافات"
تغيير الثقافات يتطلب عملا جريئا وصبرا طويلا. فعليك أن تبذل جهدا مضعفا لتشجع الناس على قبول الثقافة الجديدة، وإلى الصبر كي تمنح الثقافة الجديدة الوقت كي تترسخ. فعلى سبيل المثال، غير فريق التغيير في إحدى الشركات ثقافة الشركة من ثقافة محافظة تعارض المخاطرة، إلي ثقافة أكثر مجازفة وإبداعا. وعندما زادت حدة التوتر بين أشياع الثقافة الجديدة، و أنصار الثقافة القديمة كان رد الشركة كما يلي:
- أبرزت الأدلة الكافية على أن الممارسات الجديدة أدت إلي تحسين مستويات الأداء.
- اعترفت بأن الثقافة القديمة خدمت الشركة جيدا ولكنها لم تعد صالحة للمرحلة الجديدة وللمستقبل.
- قدمت عروضا مغرية للعاملين الذين تجاوزوا الخامسة والخمسين من العمر وحفزتهم على التقاعد المبكر، وشجعت العاملين الذين لم يعتنقوا الثقافة الجديدة على ترك الشركة.
- كافأت أنصار الثقافة الجديدة على جهودهم وحماسهم للتغيير وقامت بترقيتهم. ورغم مثل هذه الجهود والقرارات الجريئة - الضرورية لأي تغيير في الثقافة - فإن قتل الثقافة القديمة عمل صعب. لأن القيم المشتركة تتأثر دائما بالخبرة المكتسبة عبر سنوات طويلة. وإحداث أي تغيير في جوهر الثقافة يستغرق سنوات. وبذلك يكون الإصرار على مواصلة التغيير هو المدخل الوحيد للنجاح.
"وداعا للكتب: تأبين للثقافة القديمة"
لا تدعو كل برامج التغيير إلى التخلص الكامل من ممارسات وثقافة الشركة القديمة. ففي الكثير من مساعي التغيير، تظل الثقافة القديمة أساسا صالحا للاستمرار. التحدي هنا هو أن تزرع الممارسات الجديدة في الثقافة القديمة وتحقنها بها، فيما تتخلص من الأجزاء المستهلكة من الثقافة القديمة. وهذا يشبه استبدال أجزاء جديدة بأخرى بالية. على سبيل المثال، تولي إحدى الشركات عملاءها اهتماما كبيرا، وهذا الاهتمام متأصل في ثقافة هذه الشركة.
فصلت إجراءات خدمة العميل في دليل إرشادي بلغ سمكه بوصة. وكانت القاعدة الثقافية التي ترفعها الشركة كشعار هي :"الإنجاز باستخدام الكتاب."
قام رئيس مجلس الإدارة الجديد بتغيير هذه الثقافة وبسط عمليات خدمة العملاء، وبهذا حافظ على القيم القديمة للشركة وأنجزها بطرق جديدة وبهذا فقد صار الدليل الإرشادي المفصل قليل الأهمية. وحتى لا يثير حفيظة المسئولين عن وضع هذا الكتاب الإرشادي، قال رئيس مجلس الإدارة في أحد الاجتماعات العامة للشركة: "هذا الكاتب مثل الصديق القديم، الذي ما زلنا نحبه، ولكنه مات، وعزاؤنا فيه أنه عاش بيننا حياة طيبة ومنتجة." ثم أضاف :"يجب علينا الاعتراف بمساهماته في حياتنا، ولكن الحياة بعده مستمرة، فعلينا أن ننساه ونحث الخطى."
"دور الإدارة يأتي متأخرا"
تفشل العديد من جهود التغيير بسبب الافتقار إلى قيادة ذات رؤية. لكن الإدارة المحترفة (وليس القيادة) تلعب دورها في التغيير أيضا.
في الخطوة السادسة تتحقق الانتصارات في الأجل القصير عن طريق وضع أهداف وتحقيقها، وعن طريق التخطيط والسيطرة على عملية التغيير ووضعها في مسارها الصحيح. وهذه مهارات إدارية لا قيادية.
في الخطوة السابعة أنت - كقائد - تنتقل من الانتصارات السريعة وتوجه عدد كبير من مبادرات التغيير في كل أنحاء الشركة. وهنا تحتاج إلى ربط بين كل من الإدارة و القيادة. فأنت لا تستطيع إدارة ٢٠ مشروعا للتغيير في ان واحد دون رؤية القيادة المرشدة مثلا، كما أن المسئولين في القيادة العليا لا يمكن أن يديروا كل التفاصيل. ولن تنجح جهود التغيير إلا بإسناد مسئوليات القيادة إلى المديرين المضطلعين بالعمل مباشرة.
"دور تغيير الثقافة"
من النظريات الشائعة في برامج التغيير محاولة البدء بتغيير الثقافة
أولا. فلو كان بوسعنا إقناع الناس بتغيير قيمهم وسلوكهم فإن هذه النظرية تكون سليمة؛ لأن العملية الفعلية لإيجاد التغيير تصبح أكثر سهولة.
ومع ذلك فإن الثقافة ليست بالشيء الذي يمكن اكتسابه وتغييره بسهولة. فأنت لا تستطيع تعليم ثقافة جديدة في فصل من الفصول الدراسية.
ولكن القيام بالتغيير أولا، وإقناع الناس بالقيام بممارسات جديدة ثم التوصل إلى نتائج يمكنك من غرس قيم وعادات جديدة في الثقافة.
إذا كنت حساسا تجاه القضايا الثقافية، فسوف تبحث عن أفضل السبل للحث على الإلحاح وبناء تحالف قائد من أجل صياغة رؤية مشتركة. ولان غرس التغيير في الثقافة لا يمكن أن يحدث إلا بعد أن تنجز بقية الأعمال.